مقدمة
في أعماق الفضاء، لا تسير المجرات في خطوطٍ ثابتة، بل تتحرك وتقترب وتتصادم. ومن أكثر السيناريوهات الكونية إثارة هو ما يُعرف بـ التصادم الكوني الكبير، والمقصود به الاصطدام المرتقب بين مجرة درب التبانة – موطننا الكوني – ومجرة أندروميدا، أقرب المجرات الكبيرة إلينا. فما الذي سيحدث عند وقوع هذا التصادم؟ ومتى؟ وهل سينتهي كل شيء كما نعرفه؟
متى سيحدث اصطدام مجرة درب التبانة بأندروميدا؟
تشير الأبحاث الفلكية الحديثة إلى أن الاصطدام سيحدث بعد حوالي 4 مليارات سنة. تتحرك مجرة أندروميدا (M31) نحو مجرتنا بسرعة تقارب 110 كيلومترات في الثانية، وهو ما يجعل الالتقاء الكوني حتميًا، لكن على مدى زمني طويل جدًا من منظور الإنسان.
هل سيؤثر التصادم على كوكب الأرض؟
رغم أن فكرة اصطدام مجرتين تبدو كارثية، إلا أن الواقع مختلف تمامًا.
✔️ لماذا؟
-
لأن المسافات بين النجوم داخل كل مجرة هائلة جدًا، ما يعني أن احتمال اصطدام نجم بنجم ضئيل للغاية.
-
من غير المرجح أن يتأذى النظام الشمسي أو يتدمر، لكن مداره داخل المجرة سيتغير.
⚠️ ومع ذلك:
-
قد تتسبب قوى الجاذبية الناتجة عن الاندماج في طرد كواكب أو نجوم خارج المجرتين.
-
الشمس قد تُلقى في مدار جديد، بعيدًا عن مركز المجرة المندمجة.
كيف سيبدو التصادم من الأرض؟
لو وُجد مراقب على الأرض في ذلك الوقت، فسيشهد مناظر مذهلة في السماء:
-
أندروميدا ستظهر كجرم ضخم يزداد سطوعه بمرور الزمن.
-
خلال مئات الملايين من السنين، ستتشابك النجوم والغازات بين المجرتين، ما يؤدي إلى تشكيل سحب كونية هائلة.
-
سيظهر في السماء مشهد بديع لملايين النجوم المتداخلة.
ماذا ستكون النتيجة النهائية للتصادم؟
بعد مرور حوالي 7 مليارات سنة من اليوم، ستكون النتيجة النهائية هي اندماج المجرتين في مجرة واحدة أكبر، يطلق عليها العلماء اسمًا مؤقتًا:
🪐 "ميلكدروميدا" (Milkdromeda)
وستكون هذه المجرة الجديدة:
-
بيضاوية الشكل، بدلًا من الشكل الحلزوني.
-
أكبر بكثير من مجرتنا الحالية.
-
ذات نواة أكثر نشاطًا بسبب اندماج الثقوب السوداء المركزية في كل مجرة.
ما أهمية هذا التصادم في علم الفلك؟
يشكل التصادم بين درب التبانة وأندروميدا نموذجًا لفهم تطور المجرات.
-
هذه الظاهرة ليست نادرة، بل يُعتقد أنها تحدث بشكل مستمر عبر تاريخ الكون.
-
درس العلماء تصادم مجرات أخرى مشابهة، مثل "NGC 4038/4039"، لفهم كيف تندمج النجوم وتتشكل أنظمة جديدة.
هل يمكن منع التصادم أو تغييره؟
لا. لأن قوى الجاذبية الهائلة التي تحكم حركة المجرات تفوق قدراتنا. وحتى في المستقبل البعيد، لن يكون للإنسان – إن كان لا يزال موجودًا – قدرة على تغيير مسار مجرة.
خاتمة
رغم أن التصادم الكوني الكبير يبدو مشهدًا مخيفًا في الخيال العلمي، إلا أن العلم يكشف لنا أنه سيكون في الغالب حدثًا بطيئًا وجميلاً، لا كارثيًا. ومع تقدم علم الفلك وتلسكوبات مثل "جيمس ويب"، يمكننا اليوم رؤية بدايات هذا التصادم العظيم بعين العلم، ما يجعلنا أكثر وعيًا بجمال الكون واتساعه.