في زمنٍ لم تكن فيه المصانع ولا الأدوات الحديثة، كان غربال الخشب جزءًا أساسيًا من حياة الناس اليومية، أداة بسيطة في شكلها، عظيمة في وظيفتها، جمعت بين الدقة والمهارة والتراث.
🔹 مكونات الغربال
يُصنع الغربال من إطار خشبي دائري يُنحَت بعناية من خشبٍ قويّ مثل الزان أو الزيتون، ليكون خفيفًا ومتينًا في الوقت نفسه.
في وسط الإطار تُثبت شبكة دقيقة، كانت تُصنع قديمًا من شعر الخيل أو الألياف النباتية، ثم لاحقًا من الأسلاك المعدنية.
يُشدّ القماش أو السلك على الإطار بحرفية تامة حتى لا يرتخي مع الاستعمال.
🔹 استخداماته في الحياة اليومية
كان الغربال من أدوات البيت الأساسية في الريف والمدن على حد سواء.
في المطبخ، كانت النساء تستخدمه لنخل الطحين وإزالة الشوائب قبل العجن.
وفي الزراعة، يُستعمل الغربال لتنقية الحبوب كالقمح والشعير والعدس من الحصى والعيدان.
وحتى في البناء، كان يُستخدم لتصفية الرمل والجير للحصول على مزيج ناعم للجص أو الطين.
🔹 رمزيته الثقافية
الغربال لم يكن مجرد أداة، بل رمز للنقاء والتمييز بين الطيب والخبيث.
فكما يميّز الغربال بين الدقيق والنخالة، كذلك استخدمه الناس في أمثالهم للدلالة على الفرز والاختبار، فيُقال: "الزمن غربال، ما بيبقي إلا الزين".
🔹 صناعته التقليدية
كانت صناعة غربال الخشب تتطلّب مهارة ودقة.
يبدأ الحرفي بقصّ الخشب إلى شرائط رفيعة، ثم يغليها في الماء الساخن لتصبح ليّنة وقابلة للانحناء، وبعدها يُشكلها بشكلٍ دائري ويثبّت أطرافها بمسامير خشبية صغيرة.
ثم تُركّب الشبكة وتُشدّ، وأخيرًا يُنعّم السطح الخارجي ويُدهن بزيتٍ طبيعي لحمايته من الرطوبة.
🔹 الغربال في الذاكرة الشعبية
حتى اليوم، ما زال كبار السنّ يحتفظون بغربالٍ خشبي قديم، كذكرى من زمن البساطة والعمل اليدوي.
وفي بعض المناطق، يُزيّن الغربال ويُستخدم في المناسبات التراثية أو المهرجانات الشعبية كرمزٍ للخير والبركة.
إلك هالأبيات باللهجة الأردنية العاميّة عن غربال الخشب، تجمع بين الطرافة والحنين للتراث 👇
---
يا غربال الخشب يا شاهد الأزمانْ 🌾
غرّبَلت طحين الدار بيد النسوانْ
إيدٍ تهزّك والفرح بالأركانْ 🎶
وصوت الحصى فيك مثل الألحانْ
منك تعلمنا الصبر والإتقانْ
تفرز الزين وتخلي الخربانْ
يا رمز الطهاره ويا وجه البَيّانْ 🌞
ريحة الخبز تطلع من عقب نخلانْ
الدار بدونك كانت مثل الهجرانْ
واليوم صرنا نشتريك لل
ذكرى بس، نسيانْ 💭